في الدر المنثور: هي زوجة أحمد بن أبي الحواري، كانت من العابدات الزاهدات، وكان فضلها لا يقدّر وكرامتها لا تنكر.
قال أحمد بن أبي الحواري: كانت رابعة لها أحوال شتى، فمرّة يغلب عليها الحبّ، ومرّة يغلب عليها الاُنس، ومرّة يغلب عليها الخوف، فسمعتها في حال الحبّ تقول:
حـبيبٌ لـيس يعـدلـه حـبيبُ
وما لسواه فـي قلبـي نـصيبُ
حبيبٌ غابَ عن بصري وشخصي
ولكن عـن فـؤادي مـا يـغيبُ
وسمعتها في حال الاُنس تقول:
ولقد جعلتك في الفؤاد محدّثـي
وأبحتُ جسمي مَن أراد جلوسي
فالجسم منـي للجليس مـؤانس
وحبيب قلبي في الفؤاد أنيس(1)
وسمعتها في الخوف تقول:
وزادي قليل ما أراه مبلغـي
أللزاد أبكي أم لطول مسافتي
أتحرقني بالنار يا غاية المنى
فأين رجائي فيكَ أين مخافتي
قال: فقلتُ لها مرّة وقد قامت بليل: ما رأينا من يقوم الليل كلّه غيرك.
قالت: سبحان الله مثلك يتكلم بهذا، إنّما أقوم إذا نوديت.
قال:
فجلستُ على المائدة في وقت قيامها فجعلت تذكّرني، فقلت لها: دعينا نتهنأ
بطعامنا، فقالت: ليس أنا وأنت ممّن يتنغص عليه الطعام عند ذكره الآخرة،
وقالت: لستُ أحبّك حب الأزواج، إنّما أحبّك حبّ الإخوان.
وقالت لزوجها:
اذهب فتزوّج، قال: فذهبتُ فتزوجتُ وكانت تطعمني الطعام وتقول: اذهب
لأهلك، وكانت إذا طبخت قدراً قالت: كلها يا سيّدي فإنها ما نضجت إلاّ
بالتسبيح، وبقيت على عبادتها إلى أن توفّاها الله(2).
وذكرها
الشيخ الطهراني في الذريعة قائلاً: ديوان رابعة الشامية أو شعرها: ترجمتها
في خيرات حسان 1: 139، ونفحات الانس: 554، وريحانة الأدب، وأورد بعض
شعرها العربي وعدّها من النساء العارفات(3).
*******
(1) يأتي هذان البيتان في الترجمة اللاحقة أيضاً.
(2) الدر المنثور في طبقات ربّات الخدور: 201.
(3) الذريعة إلى تصانيف الشيعة 9 | 2: 344 رقم 231.
*******