زبدة الخواص، وزينة أهل الفضيله والاخلاص، شيخة الشيعة، وعيبة العلم
الباذخ ام الحسن فاطمة بنت الشهيد السعيد محمد بن مكي الجزيني العاملي،
المدعوة بست المشايخ، وهي سيدة رواة الاخبار، ورئيسة نقلة الآثار.
قال
عنها محمد بن الحسن الحر العاملي في أمل الآمل: كانت عالمة فاضلة فقيهة
صالحة عابدة، سمعت من المشايخ مدحها والثناء عليها. تروي عن ابيها، وعن
ابن معية شيخه اجازة كما تقدم في اخيها. وكان أبوها يثني عليها، ويأمر
النساء بالاقتداء بها والرجوع اليها في احكام الحيض والصلاة ونحوها.
وقال
الشهيد الثاني (رحمه الله) في اجازته الكبيرة لوالد الشيخ البهائي الحسين
بن عبدالصمد: ورأيت خط هذا السيد المعظم- يعني: تاج الدين بن معية-
بالاجازةلشيخنا الشهيد شمس الدين محمد بن مكي، ولولديه محمد وعلي،
ولاختهما ام الحسن فاطمة المدعوة بست المشايخ.
وقد وهبت هذه السيدة
الجليلة ميراثها من أبيها الى اخويها محمد وعلي مقابل بعض الكتب، وكتبت
بهذا الشأن وثيقة وقع عليها عدة شهود منهم خالهم المقدم علوان بن احمد بن
ياسر. وعند مطالعة ما كتبته ست المشايخ في هذه الوثيقة تظهر بلاغتها
وادبها وتأدبها، وحبها للعلم وتعلقها بالكتب العلمية. وقد عثرنا على صورة
هذه الوثيقة في كتاب «حياة الامام الشهيد الاول» تأليف محمد رضا شمس
الدين، وقد صورنا هذه الوثيقة وارفقناها هنا، ولقدمها وصعوبة قرائتها
نورد ما جاء فيها:
«بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله الذي وهب
لعباده ماشاء، وانعم على أهل العلم والعمل بماشاء، وجعل لهم شرفاً وقدراً
وكرامة، وفضلهم على الخلق بأعمالهم العالية، واعلا مراتبهم في داري الدنيا
والآخرة، وشهد بفضلهم الانس والجان. والصلاة والسلام الأتمان الأكملان
على سيدنا محمد سيد ولد عدنان، المخصوص بجوامع الكلم الحسان، وعلى آله
واصحابه اهل اللسن واللسان، والساحبين ذيول الفصاحة على سحبان، وعلى
تابعيهم ومن تابعهم ما اختلف المديدان واضاء القمران.
اما بعد، فقد
وهبت الست فاطمة ام الحسن اخويها: اباطالب محمداً، وابا القاسم علياً،
سلالة السعيد الاكرم والفقيه الاعظم، عمدة الفخر وفريد عين الزمان ووحيده
محيي مراسم الائمة الطاهرين سلام الله عليهم اجمعين مولانا شمس الملة
والحق والدين محمد بن احمد بن حامد بن مكي (قدس سره)، المنتسب لسعد بن
معاذ سيد الاوس (قدس الله ارواحهم) جميع ما يخصها من تركة ابيها في جزين
وغيرها هبة شرعية ابتغاءً لوجه الله تعالى ورجاءً لثوابه الجزيل، وقد عوضا
عليها كتاب التهذيب للشيخ رحمه الله، وكتاب المصباح له، وكتاب من لا
يحضره الفقيه، وكتاب الذكرى لأبيهم رحمه الله، والقرآن المعروف بهدية علي
بن مؤيد، وقد تصرف كل منهم والله الشاهد عليهم، وذلك في اليوم الثالث من
شهر رمضان العظيم قدره، الذي هو من شهور ثلاثة وعشرين وثمنمائة والله على
ما نقول وكيل».
وعلى رأس الورقة توقيع الشيخ حسن بن علي التوليني وختمه، وهذا صورة ما كتبه:
قد
اتصل بي بثبوت هذه الوثيقة بين الاماجد الطاهرين، وعلمت ما جرىورقم فيها
بعلم اليقين اجريت عليها بقلم الاثبات بالمشروع والمعقول، وانا احقر الورى
حسن بن علي التوليني. خاتمه.
وفي أسفل الورقة اسماء وتواقيع الشهودوهم:
شهد خالهم المقدم علوان
ابن احمد بن ياسر
خاتمه
*******
شهد الشيخ علي
ابن حسين الصائغ
خاتمه
*******
شهد بذلك الشيخ فاضل
ابن مصطفى البعلبكي
خاتمه
*******
وقال
الافندي في الرياض - بعد ان نقل ما ذكره العاملي في الامل-: اقول:
«الست» مخفف سيدة مع ادغام الدال في التاء، وهذا كما يقال: ستي، وستي
فاطمة والحال فيها كذلك، واصلهما سيدتي(1).
*******
(1)
انظر: رياض العلماء 404:5، مستدرك وسائل الشيعة438:3، أمل الآمل 193:1،
أعيان الشيعة 476:3، 184:7، 388:8، تكملة أمل الآمل:447، حياة الامام
الشهيد الاول:8، الكنى والألقاب 343:2، معجم رجال الحديث 196:23، اعلام
النساء 139:4.
******