زينب بنت علي بن حسين بن عبد الله بن حسن بن ابراهيم بن محمد بن يوسف
آل فواز العاملية التبنينية المصرية، شاعرة، مؤلفة، لها عدة كتب نذكرها في
اثناء ترجمتها. ولدت في تبنين من قرى جبل عامل حوالي سنة 1262 هـ، وتوفيت
في مصر سنة 1332 هـ، عن عمر ناهز السبعين فيما يظن.
قال السيد محسن الامين في أعيان الشيعة:
ذكرها صاحب مجلة العرفان في عدة مواضع من مجلته، وكتب الينا ترجمة لها
مفصلة واكثر مايأتي مأخوذ مما كتبه الينا، ومما ذكره في المجلد 8 ص 445
وغيره. ولدت في تبنين، وكان لآل علي الاصغر حكم قسم من جبل عامل ومقر
أمارتهم قلعة تبنين، وحاكمها يومئذ علي بك الاسعد، فاتصلت بزوجته السيدة
فاطمة بنت اسعد الخليل والدة محمد بك وخليل بك التي ترجمتها في الدر
المنثور ترجمة حسنة، وتولت خدمتها وقضت شطراً من صباها في قلعة تبنين
ملازمة لنساء آل الاسعد، لا سيما السيدة فاطمة المذكورة التي كان لها
مشاركة حسنة في الادب واستفادت منها كثيراً. ثم اتصلت بأخيها الاصغر خليل
بك في بلدة الطيبة، وتزوجت برجل من حاشيته كان صقاراً عنده (وهو الذي
يتولى امر الصقور التي يصطاد بها).
قال صاحب العرفان:
رأيته منذ خمس عشرة سنة في دار كامل بك الاسعد وهو يومئذ في سن السبعين،
واخبرنا كامل بك ان هذا الخادم الشيخ تزوج بزينب فواز ثم طلقها لعدم
امتزاج طبعيهما وتباعد اخلاقهما، وسافرت الى دمشق فتزوجها اديب نظمي
الكاتب الدمشقي ثم طلقها،فتزوجت بأمير الاي عسكري مصري وصحبها معه لمصر،
وهناك ساعدتها البيئة على اظهار مواهبها فكتبت عدة رسائل في صحف مصر
الكبرى، ونالت شهرة في الكتابة والشعر والفن، وكتبت روايتين نالت بهما
زيادة في الشهرة، وألفت الدر المنثور في طبقات ربات الخدور فنالت به شهرة
واسعة.
قال صاحب العرفان: وبالجملة فان
زينب فواز كانت فريدة عصرها مع ما كان في كتبها وكتاباتها وشعرها من
الاغلاط، ولم تشتهر غيرها من النساء في مصر بالكتابة والشعر والتأليف.
وكتب حمدي يكن في بعض المجلات: انه لم يسمع في مصر الا باثنتين من الكاتبات عائشة التيمورية وزينب فواز.
*******
مؤلفاتها
(1)
الرسائل الزينبية، وهي مجموعة مقالات ورسائل وبعضها شعرية، كتبتها في
الجرائد المصرية ثم جمعتها في كتاب واحد سمته الرسائل الزينبية، واكثر
أبحاث هذه الرسائل في المرأة وحقوقها ومكانتها الاجتماعية.
(2) رواية الملك كورش.
(3) رواية حسن العواقب او غادة الزاهرة، وقد اودعتها كثيراً من العادات العاملية لاسما عادات الاسرة التي قضت مدة في خدمتها.
(4) كشف الازرار عن مخبئات الزار والزار، شعوذة من شعوذات شيخات مصر وصنف من تدجيلهن حضرته ووصفته في ذلك الكتاب.
(5)
الدر المنثور في طبقات ربات الخدور في 552 أو 426 صفحة بالقطع الكبير،
يحتوي على 456 ترجمة لمشهورات النساء من شرقيات وغربيات، متقدمات
ومتأخرات، وفيه ترجمة واحدة لامرأة عاملية هي السيدة فاطمة بنت أسعد بك
الخليل زوجة علي بك الاسعد، وهو اكبر مؤلفاتها واحسنها، وكتبت في اول
الكتاب هذين البيتين:
كتابي تبدي جنة في قصورها
تروح روح الفكر حور التراجم
خدمت به جنسي اللطيف وانه
لا كرم ما يهدي لغر الكرائم
وقد
قرظ الكتاب جملة من ادباء واديبات مصر، منهم حسن حسيني باشا الطويراني
صاحب جريدة النيل، وعائشة عصمت تيمور الشاعرة المصرية المعروفة فقالت من
أبيات:
هنوا ذوات الخدور بالفوز الذي
يعلو على هام السهى ويطول
ولقد علت طبقاتهن وزانها
بالفخر من بعد الخمول قبول
وقال الطويراني:
بدا درها المنثور بالفضل زينب
فيا حبذا الدر النثير المرتب
جلت لعيون الفكر آثار حكمة
عرائسها تزهو وبالفضل تخطب
حكى الفلك الاعلى فكل صحيفة
به افق فيها من الزهر موكب
حوى حسنات الدهربين سطوره
وقومها ذاك اليراع المهذب
فلا برحت للفضل بالفضل زينب
تقول مقال الفاضلين وتكتب
وقرظه عبد الله فريج بابيات مطلعها:
الشرق لا تعجبوا ان عمر النور
الشرق بالنور منذ الدهر مشهور
وجاء في آخرها تأريخ الكتاب الهجري والميلادي:
ابهى كتاب سما جاهاً لفاضلة
بالسعد فيه بهي الدر منثور
وهذه الكتب الخمسة كلها مطبوعة.
(6) مدارج الكمال في تراجم الرجال.
(7) ديوان شعر مطبوع، وقد ذكره الشيخ أقا بزرگ الطهراني في الذريعة باسم ديوان الفواز(1).
*******
كتاب لها جواباً عن كتاب
في مجلة العرفان المجلد 16 ص 284:
أرسلت الامريكية رئيسة قسم النساء في معرض شيكاغو كتاباً الى زينب فواز
تسألها فيه بعض الاسئلة، فذكرت في جوابها اولاً ما هو المتعارف من
المجاملة ثم قالت: سؤالك لي عن السبب الذي يمنعني عن الحضور الىالمعرض في
ديانتنا الاسلامية التي نشأنا عليها ونحن نجدها من الفروض الواجبة
ونتوارثها فنتلقاها بغاية الانشراح، حتى ان المرأة منا لو اجبرت على كشف
وجهها الممنوع عندنا لوجدته من اصعب الامور مع ان كشف الوجه واليدين ليس
محرماً في قول فريق عظيم من العلماء، ولكن منعته العادة قطعياً وهي التي
توارثناها، اذ ان البنت منا لا تتجاوز الثانية عشرة من عمرها الا وهي داخل
الحجاب، وان من عادتنا المحترمة عندنا عدم حضور المرأة في المجتمعات
العامة التي يجتمع اليها الرجال، ولكن للنساء محافل خصوصية تختص بهن ليس
للرجال فيها محل، حتى ان الرجل لا يجوز له ان يدخل دائرة الا باذن عند
الحاجة.
والحجاب عندنا مأمور به في الدين بنصوص الكتاب الكريم كقوله تعالى: «وليضربن بخمورهن على جيوهن ولايبدين زينتهن الا لبعولتهن...».
واما
عدم اباحة السفر لنا فعلى ما يفهم من اقوال بعض العلماءالاعلام لان عندنا
في شريعتنا الغراء لا يباح مس جسم المرأة لرجل اجنبي عنها ولوحل النظر
فيها في مثل الوجه مثلاً على رأي من قال بانه ليس بعورة فانه يحل النظر
اليه دون الشعر ولكن لا يحل مسه الا لذري محرم، ولا يحل لها السفر الا
بصحبة احد ذوي قرابتها ان لم يكن الزوج، واعني بذي قراباتها: محارمها
الذين لا يجوز لها التزوج بهم المذكورين في قوله تعالى: «حرمت
عليكم امهاتكم وبناتكم واخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الاخ وبنات الاخت
وامهاتكم اللاتي ارضعنكم واخواتكم من الرضاعة وامهات نسائكم وربائبكم
اللاتي في حجوركم...» فاذا سافرت المرأة مسافة ثلاثة اميال فاكثر
يلزم ان يكون معها احد المذكورين في الآية الشريفة كالاب والابن والاخ
والعم والخال او الزوج لانه اذا مس جسمها في وقت الركوب والنزول لا يكون
محرماً بخلاف غيرهم من ذوي القربىالذين لا يحرم الزواج بينها وبينهم كابن
العم وابن الخال وابن العمة وابن الخالة فانها تحتجب عنهم فلذلك لا تسافر
مع احدهم من حيث ان المسألة مبنية على المس فمتى جاز المس جاز السفر،
فهذا الذي يمنعني من الحضور الى المعرض من وجه، والوجه الآخر ما تقدم من
عدم تعودنا على الخروج الى المجتمعات العامة، اذ ان المرأة منا لا يجوز
لها الخروج الى خارج المنزل الا مؤتزرة بازار يسترها من الفرق الى القدم
وبرقع يستر وجهها.
*******
شعرها
قد
عرفت ان لها ديوان شعر مطبوع، وذكر صاحب مجلة العرفان في مجلته ج 2 ص 289
ابياتاً تخاطب بها قلعة تبنين ارسلتها اليها من مصر فقالت: ذكرتني يا
صاحب العرفان ما لا انساه من معالم اوطاني فنطق لساني مخاطباً لقلعة تبنين
التي افنت الاجيال لم يؤثر على اسوارها الدهر فقلت:
يا ايها الصرح ان الدمع منهمك
فهل تعيد لنا يادهر من رحلوا
وهل بقي قبك من ينعى معي فئة
هم المقاديم في يوم الوغى الاول
قد كنت للدهر نوراً يستضاء به
اخنى عليك البلى يا ايها الطلل
كم زينتك قدود الغيد رافلة
بالعز تمسوو وجه الدهر مقتبل
ابكيك يا صرح كالورقاء نادية
شوقاً اليهم الى ان ينهي الاجل
قد كنت مسقط رأسي في ربى وطني
ان الدموع على الاوطان تنهمل
تبنين ان كنت في بعدي على حزن
فعند قربي الحشى بالوجد يشتعل
وقفت وقفة مشتاق بها شغف
علي ارى اثراً يحيا به الامل
اذا الاحبة قد سارت رحالهم
فزاد شوقي كما قلت بي الحيل
فالنفس شاكية والعين باكية
والكبد دامية والقلب مشتعل
اعلى (هيوسنت) أبراجاً لها عجباً
تقارع الدهر لا ضعف ولا ملل
(هيوسنت)
صاحب طبرية هو يأتي قلعة تبنين سنة 1107م وجعلها معقلاً لغزو صور
ومايليها، ولها قصيدة مذكورة في مجلة العرفان ج 1 ص 281 انتخبنا منها هذه
الأبيات:
لو لا احتمال عنا وبذل دماء
لم يرق شخص ذروة العلياء
(لا يسلم الشرف الرفيع من الأذي)
الا بسفك دم على الارجاء
هذا مقال الاقدمين ولم تجد
بداً لنا من شرعة القدماء
ان لم نشيد ما اقاموا اسه
فلنجتنب قصداً لهدم بناء
يا حسرة الآباء في اجداثهم
ان اخجلتهم خيبة الابناء
يا حسرة الاموات لونشروافلم
يجدوا الذي ظنوه في الاحياء
يا خجلة الاحباب لوفخروا بنا
اذ ينظرون شماتة الاعداء
وبهاً رجال الشرق صرنا عبرة
بين الورى من سامع اورائي
وهناك في الاصلاب قو بعدنا
يحصون ما يمضي من الابناء
لم ينزل الرحمن داء في الورى
الا وجاد له ببخير دواء
ولئن نبا السيف الصقيل ففي النهى
والعلم سيفاً حكمة ودهاء
ولئن كبا الطرف الجواد فلم يزل
للعقل ميدان لنيل علاء
ولئن ابى ذوالحقد نيل رجائنا
فالرأي يضمن نيل كل رجاء
هيهات ما العميان كالبصراء
كلا ولا الجهلاء كالعلماء
نروي عن الماضين مافعلو فما
يروي بنو الآتي عن الآباء
وفي العرفان المجلد 37 ص 245 جرت مناظرة حادة بينها وبين كاتب مصري يدعى أبا المحاسن فكتبت اليه تهزأ به:
اولست ارسطاليس ان
ذكر الفلاسفة الاكابر
وأبو حنيفة ساقط
في الرأي حين تكون حاضر
وكذاك ان ذكر الخليـل
فأنت نحوي وشاعر
من هرمس من سيبويـه
من ابن فورك ان تناظر
ولها مشطرة هذين البيتين:
(وما من كاتب الا سيبلى)
ويبلغ بدء غايته انتهاء
وتمحوه الليالي في سراها
(ويبقى الدهر ما كتبت يداه)
(فلا تكتب يمينك غير شيء)
به يرضى لك الزلفى الاله
ولا تعمل سوى عمل مفيد
(يسرك في القيامة ان تراه)
وقرظ كتابها حسن العواقب محمد بك غالب وهو في الرابع عشرة من سنيه فقالت تمدحه من جملة ابيات:
يا واحداً في علاه
لك الثناء المويد
وخاطبتك المعالي
اهناً وسد يا محمد
لازلت تعلو وترقى
لكل مجد وسؤدد
وقالت في تأريخ ولادة من اسمها فاطمة:
زها افق العليا بشمس منيرة
لها منبت تروي الليالي مكارمه
وجاء باقبال فقلت مورخاً
الا وافت البشرى بميلاد فاطمة
وقال
صاحب مجلة المنار في مجلته: لنا درة العصر واميرة النظم والنثر السيدة
زينب فواز حفظها الله تشطير هذين البيتين ولكننا لم نرتض التشطير
فتركناه:
ومصباح كأن النور منه
محيا من احب اذا تجلى
أغار على الدجى بلسان أفعى
فشمر ذيله فرقا وولي
قال: ولها امد الله في حياتها تشطير هذين البيتين:
(آمنت الى ذا وذاك فلم اجد)
من الناس من أرجوه في اليسر والبؤس
وما رمت من ابناء دهر معاند
اخا ثقة الا استحال الى العكس
(فأصبحت مرتاباً بمن شط اودنا)
وألفيت اهل اليوم مثل بني امس
وايقنت ان لا خل في الكون يرتجى
(من الناس حتى كدت ارتاب من نفسي) (1)
*******
(1) اعيان الشيعة 134:7، رياحين الشريعة 304:4.
*******