هي العالمة الفاضلة، الكاملة الواعظة، القارئة العابدة الزاهدة، ذات
الأخلاق الملكيّة، والصفات القدسيّة، الشهيرة بـ «خانم قرائت»، والملقبة
بالحزينة.
ولدت في شيراز، وتتلمذت عند الميرزا ابراهيم المحلاّتي،
والميرزا هداية الله الشيرازي. ثم هاجرت إلى كربلاء المقدّسة، وكانت
تُدرّس الكتب الأربعة للنساء.
تروي عن عدّة منهم المحلاتي والشيرازي،
ويروي عنها سماحة آية الله العظمى السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي، حيث
قال في الإجازة الكبيرة: اعلم أيّدك الله تعالى بأنني أروي عن نساء عالمات
فاضلات منهنّ خانم قرائت الشيرازيّة، توفّيت في مدينة كربلاء المقدسة سنة
1341هـ، ودفنت فيها(1).
لها
أشعار باللغة العربية واُخرى بالفارسية، ولها أشعار جمعت فيها اللغتين
العربية والفارسية. وأكثر شعرها في مدح النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
وأهل بيته عليهم السلام، وفي الحكم والمواعظ.
لها ديوان مطبوع في طهران سنة 1332هـ. ذكره الشيخ الطهراني في الذريعة(2).
قالت تصف النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، والأئمة عليهم السلام:
خليلي ألا تدنو إلـى عيـن رائـق
تــروّ بكـأسٍ سـائـغ متــورّد
ورحل بهذا الدار وابـغ منـازلاً
رفيعـاً وسيعـاً زاكيـاً ذا تــسدّد
وجالس مع الأبرار واذكـر هنا لهم
حـديث حـبيب مـشفـق متـودد
فـطيّب لنـا نفساً بـذكر نـوالـه
وفـرّج بنـا همّـاً ببشـر مجـدد
هو الأصل في الإيجاد والكل فرعـه
بمـولـده كـان الصفـيّ مـولـد
فأحمـد إن كـان ابـن آدم صورة
وبـالصدق معنـا آدم بـن مـحمّد
هو العلم المأثور فـي ظلم الدجـى
هو العمد الممدود فـي كل مـرصد
هو الكوكب الدري فـي وسط السما
بـه مـن مضلات الغواشي لنهتدي
هو الأمن والإيمان والكهف والهدى
وهـذا هـو الديـن القويـم المؤيّد
وعتـرتُه خيـر البـريــة كلّهـا
هـم العـروة الوثقى وقصر المشيّد
بهـم فتـح الله الاُمـور بأسرهـا
علـى الخلـق طـراً ظلهـم متمدد
فهم حجج الرحمن قدماً على الورى
وفيهـم كتـاب الله بـالحقّ يشهـد
معاندهم لـو كـانت الأرض كلهّـا
لهـا ذهبـاً مـلآى بـذاك ليفتـدي
وشيعتهـم يـوم القيامـة حولهـم
علـى سـرر مستبشـرين مـروّد
لهم كلّ ما تشهي النفوس وكلّ مـا
تلـذ بـه الأبصار فـي كـل مورد
يقولون: أتمـم ربنـا نورنـا لنـا
فإنـا لهــذا اليـوم كنّـا نـزوّد
مـلائـكة يستقبلـون قـدومهـم
يـرونـهم مـن طيبيـن الممجّـد
يقولون لمّـا ينظـرون بـوجههـم
سـلام عليكـم فـادخلـوها مخلـد
فـلا تـمسكن إلاّ بحبـل ولائـهم
ولا تدحـرن عـن بـاب آل محمّـد
كفـاك بـذكـر الآل فخـراً ونعمـة
«حزينة» قومي واشكري وتهجّدي
وقالت في الأئمة الإثني عشر عليهم السلام:
يـا خليّ البال قد حـرت الفكـر
صمّ عـن غيرك سمعي والبصر
هجـت نـار الحبّ فـي وجنتنا
لـن لنـا قلبـاً قسيـاً كـالحجر
أرجـع النظــرة فينـا مـقبلاً
لا تـركنـا كـهشيم المحتضـر
لـيس ينجيني مـن الغم سـوى
أجـل جـاء وأمـر قـد قـدر
ضجّت النفس مـن الموت أسـى
قلتها كوني كمن يهـوى السفر
إنّمـا فيهـا نـزلنـا عـابـرين
لـيست الدنيـا لنـا دار مـقر
مـضت النـاس علـى قنطـرة
أنـت تـمضين عليهـا بـحذر
لا منـاص اليـوم ممّـا نـزلت
فتنـاديــن بهـا أيـن المفـر
فامسكي بالعروة الوثقـى التـي
إن تـمسكتِ بهـا تَلقـي الظفر
سادة قـد طـابت الأرض بهـم
حيث ما ينحون من رجس طهـر
في دجى الليل الغواشي المظلـم
بعضهم شمس وبـعض كـالقمر
في سماء المجد أبدوا مشـرقين
أنـجم تعـدادهـا اثنـي عشـر
هـم أمـان الخلـق طـرّاً كلمّـا
غـاب نجـم مـنهم نجم زهـر
هم عمـاد الـدين أنـوار الهدى
مَـن تولاهـم نجى مـن كلّ شر
هم ولاة الأمـر بعـد المصطفى
بـولاهـم كـلّ ذنـب يغتفــر
عن صراط الحـقّ مَـن شايعهم
عـاجلاً سهلاً بـلا خـوف عَبـر
خاتـم فيهـم كختـم الأنبيــاء
معلـن الحــقّ وقتّـال الكفـر
هــو حــبل الله للمعتصميـن
لعــدوّ الله ســيف مشتهـر
سيدي قد ذاب قلبي فـي هـواك
لا تـدعني إنّ دائـي ذو خطـر
أنت حصن الله يا كهف الورى
آيــة الله وذكـرى للبشـر
مـوتنـا فيـك حيـاة دائـم
وتـورّيك مـن المـوت أمرّ
فمتــى تظهـر يـا سيّدنـا
أم متى يبدو لنـا منـك الأثر
لست ان أرجو صريخاً غيركم
فـي اُمـوري وليوم المنتشر
فـبحقّ السـادة المنتجبيـن
ربّ لا تهتـك عيوبي المستتر
بيننـا فاجمـع وايّاهـم إذا
دنـت الآجـال منّـا وحضـر
يا حزينة اصبري واستبشري
إن يُسـريَن ليـوم قـد عسر
وقالت تشكو زمانها، وترك الأهل والأحبّة لها، وسبب تسميتها «حزينة»:
ألا يا نديمي خلّني في غلا صدري
ألم ترَ سيل الدمع من مقلتي يجري
إلى الله أشكو ما أرى مـن أحبتي
لياليّ تمضـي فـي الكآبة بالسهر
يهينوننـي كالقاف حيـن تنزّلـت
وقـد كنتُ كالباء المرفّع في الحفر
أبي ت وأمسي بيـن أهلـي غريبة
ودار أبي لي صار كالبدو في القفر
فكم جئتهم حُبّاً لهـم وكـرامـة
وكـم رفضوني في الشدائد والغمر
فكم من بليات أرى مـن جفائهـم
وكم مـن مصيبات يقل لها صبري
فكم من نهـار مـا تفرّغت ساعة
وكـم من ليال ما رقدت إلى الفجر
وإن مدّت الأيـدي إليهـم بحـاجة
يدي دون أيديهم تردّ إلـى نحـري
بلا جهـة مـن غيـر أنّي أحبّهـم
وداد غنـى لا عـن تملقـة الفقـر
وإنـي بحمـد الله ذات استطـاعـة
ولكـن من هجرانهم كسروا ظهري
لـداهيتي سمّيـت نفسـي حـزينة
سمـوم بليّـات أذوق مـدى دهري
تـلامـذتـي إن تسألنـي عبـارة
لكثـرة أشجـاني اُجـيب بـلا أدري
وكنتُ في غور مـن العلم خائضـة
خوض الحضيض لوجه الدر في البحر
فربـي كفيل فـي الاُم ور جميعهـا
عليـه تـوكّلـت وفـوّضته أمـري
وقالت أيضاً:
يا ذلة بعد عزّ كنت فيـه مـدى
سنين أعوام دهـري ليت ما مضت
أضحـت دويـراي أيـاماً قلائلة
من بعد ما ضحكت يا طول ما بكت
وقالت أيضاً:
يا قرحة ثقبت قلبي وليس لهـا
معـالج يتـداواهتــا ومـلتئتم
حتى الممات بأحشائي جراحتها
داء يؤلم روحي وهو مكتتم(3)
*******
(1) الإجازة الكبيرة: 246.
(2) الذريعة 9 | 1: 235 رقم 1432.
(3) انظر تراجم أعلام النساء 2: 72.
*******